الصفا والمروة موضعان مرتفعان لا يبعدان كثيراً عن الكعبة بينهما منخفضٌ أشبه بوادٍ. والطواف بينهما يكون سبعة أشواط.
ويبدأ الإنسان السعي من الصفا فيستقبل الكعبة ويكبِّر مُهلِّلاً بصوت مرتفع مصلِّياً على النبي ﷺ رافعاً يديه حذاء منكبيه ثم يمشي نحو المروة فإذا وصل في طريقه إلى قرب الميل الأخضر هرول مرملاً حتى يصل إلى الميل الأخضر الثاني وهنالك يعتدل في مشيته فإذا بلغ المروة صعد عليها وفعل ما يفعله عند الصفا من استقبال الكعبة والتكبير والذكر وبذلك يكون قد أتمَّ شوطاً وفي العودة من المروة إلى الصفا شوط وهكذا حتى يتم سبعة أشواط.
فإذا فرغ من السعي ظلَّ في مكة محرماً، لا يحلق شعراً، ولا يقلِّم ظفراً ولا يمس طيباً ولا يلبس مخيطاً، ولا يستر رأسه ولا يلبس خفّاً ولا يقرب زوجاً حتى إذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة خرج الحجَّاج جميعهم من مكة يقصدون عرفات.
إذا كنا قد عرفنا من خلال المقالات السابقة المراد من الإحرام والطواف سبعاً بالبيت الحرام والغاية من تقبيل الحجر الأسود؛ فما المراد يا ترى من السعي بين الصفا والمروة. وإلامَ يشير السعي هنا؟ ولمَ سميَّ هذان الموضعان بهذه التسمية؟ وهل الهرولة هنا ترمز إلى نفس الحال الذي يجب أن يقوم في النفس عند الطواف بالكعبة أم أن لها هنا معنى آخر؟
وفي الجواب عن هذا نقول:
كل عمل من أعمال الحج وكل منسك من مناسكه له غايته وثمرته التي تختلف عن سابقهِ. فليس سعيٌ يشبه سعياً وليس طواف بمشبه طوافاً وليست الهرولة أثناء السعي بين الصفا والمروة بمؤدية إلى نفس الحال الذي نصل إليه بالمشي رملاً خلال الطواف بالكعبة وإنك إذا وصلت إلى الحقيقة واستنارت نفسك بنور الله شاهدت أن مناسك الحج إنما هي سلسلة من أعمال تتدرج بالنفس من حال إلى حالٍ أرقى من سابقه حتى تصل بها إلى الغاية التي أعدت لها فإذا ما قصَّر الإنسان بعمل من تلك الأعمال ولم يؤدِّه عالماً بما شُرِعَ من أجله فقد أخفق في سعيه ولم يصل إلى الغاية المطلوبة.
ومن اليسير عليك أن تدرك طرفاً مما نقول من الذي فصَّلناه لك خلال كلامنا عن المناسك السابقة ويزداد لك الأمر وضوحاً وتتمكن هذه الحقيقة مستقرة في نفسك بما سنذكره لك عن بقية المناسك. ولنذكر لك الآن المراد من الهرولة في السعي بين الصفا والمروة فنقول:
إذا كان الحاج خلال الطواف بالكعبة قد وصل بنفسه إلى تلك النتيجة الطيبة من الدخول إلى البيت الحرام والاجتماع بالإمام والإقبال بمعيَّته على الله وشعرت هذه النفس بذلك الجلال الإلۤهي فمشت مرملةً متذللةً بين يديه تعالى فخورة بإقبالها عليه. وهنالك وبهذا الحال الذي وصلت إليه تجدها مستعدة للسعي بين الصفا والمروة
وفي السعي بين الصفا والمروة حال جديد يقوم في النفس فتشعر هذه النفس الداخلة على الله بقبول الله لها كمثل امرئ دخل على ملك ذي مهابة وسلطان عظيم فتكرّم عليه بالقبول ودعاه إليه وهنالك تراه يهرول ساعياً معبِّراً عن قبول نفسه لهذه المنّة وتلبيته لتلك الدعوة بهذا السعي والهرولة فإذا ما دنا من ذلك الملك أو كاد خفّف السرعة ومشي بتؤدة وهكذا فكل مشيةٍ بحال، ولكل هرولة وضع نفسي خاص وما يقدِّر هذه المواقف بين يدي ذي الجلال والعظمة وما يعرف قيمة هذه الأحوال التي تجري للإنسان خلال قيامه بهذه المناسك إلا امرؤٌ مؤمنٌ شهدت نفسه طرفاً من الجلال والعظمة الإلۤهية فراح يغبط هذا الحاجَّ ويتمنى أن لو يكون له مثل ذلك الحال الذي أنعم الله به عليه.
والآن بعد أن ذكرت لك طرفاً عن المراد من السعي بين الصفا والمروة والهرولة بهذا السعي أحب أن أشرح لك شيئاً عن المراد من هذه التسمية فأقول:
ترمز كلمة (الصفا) وتشير إلى ذلك الحال المعنوي الذي يخالط النفس حال وقوفها في ذلك المكان. لقد قادها الطواف إلى الدخول في حضرة الله وانغمست في ذلك الجلال الإلۤهي وغمرتها تلك الحال فإذا بها تتَّجه إلى الصفا وقد صفا القلب بإقباله على الله من كل ما سواه فأضحت النفس بقربها من خالقها في صفاءٍ وبحال لا ترى معه غير الله. فكانَ الوقوف على الصفا رمزاً لما حصلت عليه النفس وتعبيراً عما لازمها من حالٍ عالٍ رفيع.
فإذا خالط النفس هذا الحال وشعرت بقبول الله لها للمثول بين يديه وهرولت ساعية إليه هنالك وعند وصولها إلى المروة وما أن تقف في ذلك المكان حتى تراها قد غمرها حالٌ جديد فأصبحت ترى قربها من ذلك الجناب العالي والإلۤه العظيم. فإذا الوقوف بالمروة رمز لذلك الحال الذي أضحى فيه الإنسان يرى ذاته بذاته ويشاهد قربه من خالقه وما ناله من الحظوة والزلفى بين يدي ربه بالتمسك برسوله بقلبه والغرف بواسطته من أذواق ومشاهدات الكمالات الإلۤهية العليّة وينال ما ينال مما هو أهل لنواله.
ويعيد هذا الإنسان الكرَّة راجعاً من المروة إلى الصفا فإذا هو في حال أعلى من سابقه وإذا القلب بسبب قرب العبد من ربه وخالقه قد زاد صفاءً وما يزال يتنقَّل بين المكانين المذكورين ساعياً حتى يتم السبعة أشواط ولسان الحضرة الإلۤهية يناديه:
"تعالَ يا عبدي، تعال أعطيك، تعالَ أمنحك، تعالَ أتفضَّل عليك وأكشف الغطاء عن قلبك والموعد بيني وبينك إنما هو يوم عرفه فاستعدَّ لذلك اليوم ولتظلَّ في حال الأهبة"
ولذا تراه ملازماً ما هو فيه من الإحرام والامتناع عما ذكرناه من قبل من محظورات..
وتسمى هذه الأعمال التي بيّناها من قبل من الإحرام وكذلك الطواف بالكعبة، والسعي بين الصفا والمروة "عمرة" لما فيها من إعمار القلب بالإقبال على الله وتخزين الكمالات الإلۤهية بنفسه لتغدو أهلاً للمعرفة بعرفه بما اعتمر به قلبه ولتهيئته للحج بالوقوف بعرفات.
وقد أمرنا الله تعالى في القرآن الكريم أن نقرن العمرة بالحج ولا نفصلهما عنه، فليس لمن نوى الحج وأحرم به معتمراً أن يباشر بعد انتهائه من العمرة شيئاً من المحظورات حتى يتم حجه. وذلك ما أشارت إليه الآية الكريمة في قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ للهِ..} سورة البقرة: الآية (196).
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في الآية الكريمة يقول الله تعالى: {الحج أشهرٌ معلوماتٌ فمن فرض فيهنَ الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج}.
وأود أن أستفسر عن الآتي: هل الحج أشهر وليس شهراً محدداً بعينه؟ فالقرآن ذكر (أشهر) و (معلومات) و (فيهن) وهذا جمع وليس مفرد! هل معنى هذه الآية أنه يمكن الحج في الأشهر الحرم والرسول ﷺ قال أن الحج عرفة وخلاصة ما سبق: هل أراد الله سبحانه وتعالى من هذه الآية تيسير الحج على الناس خلال الأشهر الحرم؟ أفيدوني أفادكم الله.
يرجى التفضل بالاطلاع على كتاب العلامة الكبير محمد أمين شيخو كتاب الحج ترى جواب سؤالك.
علماً كما ستقرأ أن الحج يبدأ منذ نويت على الحج بدءاً من شوال حين يتهيَّأ الحاج ويتوجه للحج وبشهر ذي القعدة وذلك شهر العبادة والطاعة بمكة بالمسجد الحرام ويمارس الطواف والسعي والعبادة ليتهيَّأ للموقف العظيم بعرفة بذي الحجة...
أما ما يحدث الآن فهذه الفترة من الزمن فترة عارضة وستعود "عما قريب جداً" الأمور لنصابها. أي يصبح الحج أشهر معلومات، فالحج بحقيقته وكماله أشهر معدودة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا من جدة وأراد الله لي الحج مع أخي الذي يسكن مكة، كنا في أيام منى نبيت فيها ونخرج منها بعد صلاة الفجر إلى منزل أخي في العوالي، ولكن كنا نتأخر في الوصول إلى منى بسبب النوم والازدحام فلا نبيت فيها إلا ساعتين... فهل يترتب علي شيء رغم أنه رغماً عني، فأنا مع أخي؟
وجزاك الله خير.
الأخت الفاضلة حفظها المولى الكريم... آمين
هنيئاً لكِ ولا يترتَّب عليكِ إلا الأجر والثواب والخير من العزيز المانح الوهاب.
وتفضَّلتِ أنَّ هذا الشيء رغماً عنكِ وقد قال ﷺ: «رفع عن أمتي ثلاث الخطأ والنسيان وما استُكرِهوا عليه».
ولا يجوز للمرأة أن تبقى لوحدها مع غير ذي محرم وأنتِ مع أخيكِ فقد أطعتِ ربك بذلك ولا يترتب عليكِ شيء.
هل تجوز توزيع الأضحية (الذبيحة) على الكافرين؟
وهل هناك حديث نبوي للإجابة الصحيحة؟
وبارك وغفر الله تعالى لكم أحبائي الكرام.
الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم... آمين
الحديث الشريف: «الخلق كلهم عيال الله وأحُّبهم إليه أنفعهم لعياله» على حسب الظروف والأحوال، قال تعالى في سورة البلد (14): {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}: أي مجاعةً أو أيام الحروب والمجاعات أو تاريخياً كالأسرى من النصارى أو الرق أو المؤلَّفة قلوبهم لهدايتهم إلى الله.
{يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ(15) أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}: تشمل النصارى الذين ليس لديهم شيء من مال وكلنا من تراب.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: سؤالي حول بئر أو نبع زمزم ما حقيقته؟
من أين يستمد مياهه؟ هل هناك اختلاف بمكونات مياهه عن مياه الينابيع العادية؟ وما سر هذا الاختلاف؟ وهل ما يُقال أنّ مياهه تشفي العديد من الأمراض؟ أرجو إعطائنا نبذة عن هذا النبع..
وجزاكم الله خيراً.
إليك نبذة وجيزة عن مياه زمزم.
حصلت شبهة حول ماء زمزم أنه غير صالح للشرب، وعندما تناهى هذا اللغط إلى مسامع الملك فيصل في عام 1971، أصدر أمراً للتحقق من هذا الموضوع وتقرر إرسال عينات من ماء زمزم إلى معامل أوروبية، فقام المهندس الكيميائي معين الدين أحمد بجمع تلك العينات وراح معين الدين يبحث عن مدخل تأتي منه المياه للبركة التي لا يتجاوز طولها /18/ قدماً وعرضها /14/ قدماً، وهي مع صغر مساحتها توفر ملايين الجالونات من المياه كل سنة للحجاج، وهنا خطرت لمعين الدين فكرة يمكن أن تساعد في معرفة مصدر المياه، وهي شفط المياه بسرعة باستخدام مضخة ضخمة، بحيث ينخفض مستوى المياه مما يتيح له رؤية مصدرها غير أنه لم يلاحظ شيء خلال فترة الشفط، فطلب من مساعده أن ينزل إلى الماء مرة أخرى، وهنا شعر الرجل بالرمال تتحرك تحت قدميه في جميع أنحاء البئر أثناء شفط المياه، مما يدل أن الماء تنبع من كل نقطة في أنحاء البئر، وكانت تلك المياه تنبع بنفس معدل سحب المياه الذي تحدثه المضخة بحيث أن مستوى الماء في البئر لم يتأثر إطلاقاً بالمضخة. فبئر زمزم لا يجف إطلاقاً بل يعطي حسب الطلب.
وهنا قام معين الدين بأخذ العينات التي سيتم إرسالها إلى المعامل الأوروبية، وجاءت نتائج التحليل: أن الفارق بين مياه زمزم وغيرها من مياه مدينة مكة كان في نسبة أملاح الكالسيوم والمغنسيوم، ولعل هذا هو السبب في أن مياه زمزم تنعش الحُجاج المنهكين.
ولكن الأهم من ذلك هو أن مياه زمزم تحتوي على مركبات الفلور التي تعمل على إبادة الجراثيم أيضاً، إلا أن بئر زمزم لم تجف أبداً من آلاف السنين، وأنها طالما كانت توفي بالكميات المطلوبة من المياه للحجاج، وبئر زمزم لا تنمو فيه أية فطريات أو نباتات كما هو الحال في باقي الآبار لاحتوائه على الفلور في أصل تركيبه والذي يقضي على الجراثيم والفطريات.
أما ماؤه فيستمدها من الأقطاب وقد جعل الله تعالى فيها هذه الخصائص الملائمة للحجاج ولتلك الأماكن. هذا من الناحية الظاهرية البادية للعيان ولكل شيء صورةٌ وحقيقةٌ.
أمّا السرّ الحقيقي لمياه بئر زمزم فهي مشروب الأنبياء وقد تأثرت بروحانيتهم صلوات الله عليهم أجمعين كما تأثرت جميع تلك الأماكن فأضحت مقدسة بمن فيها من نفوس طاهرة.
خرجت هذه المياه في تلك البقعة لتسقي الحجيج وتلبي لهم ما يحتاجونه إلا أن لها روحانية خاصة يعلمها من يعلمها من أولي القلوب والأبصار قال رسول الله ﷺ: (زمزم لما شُرِبَت له). ولفظها يدل على معناه، إذ أن الحاج الذي غدا من أهل القلوب وتفتّحت منه عين البصيرة حين شربها تسري نفسه شعاعاً إلى الذي تقدَّست به هذه الأماكن وتلك المياه، وهو السرّ الأعظم رسول الله ﷺ فتجتمع به.
زمَّ: بمعنى ضمَّ أي تمسك به وانضم للشفيع المشفّع.
تمسَّك إن ظفرت بذيل حرٍّ فإن الحـر فـي الدنيـا قليـل
عندها يضمه رسول الله ﷺ قلبياً ويأخذه عروجاً به إلى الله عزّ وجلّ.
فمن شرب من زمزم وكان هذا حاله إذ رافقت نفسه نفس رسول الله وسرى النور الإلۤهي عن طريق رسول الله وصولاً للمرتبط، شفي من علله النفسية والجسدية.
أمّا من كان في عماء عن رؤية الحقيقة فهي بالنسبة له مياهً عاديةً، لا بل ربّما يجدها كريهة لا تُشرب، إن لم يُقَدِّم قبل شربه عمل خير أو إحسان، والأمر نسبي يتفاوت بين شارب وشارب، فبقدر محبّتك لرسول الله وإحسانك تجد مياه زمزم لذيذة عذبة وتشرب ولا ترتوي منها ولا تشبع من طعمها الشهي، وإن كان المرء مسيئاً ظالماً يمجُّ هذا الماء ويكرهه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: لقد تفضل العلامة الدمشقي محمد أمين شيخو بالبيان الحق وسؤالي حول فريضة الحج: قال تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} سورة البقرة 197.
بما أن الغاية من الحج هي نوال التقوى، فلماذا يأمرنا الله تعالى بالتزود بها قبل الحج؟ وما الفائدة إذاً من الحج إن كنت قد نلت التقوى قبله؟
أتمنّى الإجابة على سؤالي وتوضيح معنى الآية الكريمة. ولكم كل الشكر والاحترام و دام فضلكم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}: مع المجموع حفظاً عليك. {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ}: يتباعد عن النساء وعن الدنيا بالكليَّة لا يلتفت إلا إلى الله. لأنك ذاهب للطاعة. {وَلاَ فُسُوقَ}: نفسك طيّبة.
{وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ}: مع أحد بل يلتهي بنفسه. {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ الله}: كله يعلمه. {وَتَزَوَّدُوا}: من فعل المعروف كلما قرَّبت زدت مشاهدة. {فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ}: منتوجها. {التَّقْوَى}: كلما أقبلت استنرت. {وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ}: يا مؤمن اسعَ في هذا الطريق، ثابر، الدنيا مدرسة، كلما اجتهدت نلت: أولي الألباب: كل من فكَّر فعقل ورأى أن لا إله إلاَّ الله فكيفما تحوَّل يرى الله معه، يده تتحرك بالله وعينه تنظر بالله: إن صرت مؤمناً سر إلى الحج لتصل للتقوى.
ورد في كتاب "درر الأحكام" للعلّامة: أنّ الميقات في مكان يدعى رابغ. ما دليلكم ولم الميقات فيها وما هو الميقات؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ويهلّ أهل الشام من الجحفة ويهل أهل اليمن من يلملم ويهل أهل نجد من قرن، وهو لهن ولمن أتى عليهن ممن سواهم ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان بيته من دون الميقات فإنه يهل من بيته حتى يأتي على أهل مكة»
(الجحفة): وهي ميقات أهل الشام قديماً وأهل مصر والمغرب وتسمى في هذا الزمان رابغ، سميت بذلك لأن السيول أجحفتها.
أما عن الميقات: فهو المكان الذي إن بلغته أصبح الوقت لتطبيق فريضة الإحرام والدخول في أول مناسك الحج، والإحرام هو نزع الملابس المخيطة واستبدالها بإزار ورداء مقروناً ذلك بنية الحج. وتكون مباشرةُ ذلك والقيام به من أماكن مخصوصة "التي حددها الرسول صلى الله عليه وسلم كما مرّ ذكره أعلاه" وهي الميقات فإذا بلغ القادم من الشام مثلاً أرضاً معينة اسمها "رابغ". نزع ملابسه هناك واغتسل ثم أحرم للحج. وكذلك القادم من اليمن له مكان خاص به.
لمزيد من الشرح حول الحكمة من الإحرام يمكنك الاطلاع على بحث الحكمة من الإحرام في كتاب الحج للعلّامة محمد أمين شيخو.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ}. الآية رقم 95 من سورة المائدة
كم عدد المساكين وكم عدد الأيام المطلوب صيامها؟
الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ..}: لأنك في حال إقبال على الله فلا تنصرف عن ذلك إلى الصيد حتى ولو كنت جائعاً لا تصطد، أنت ذاهب بمهمة لتغدو إنساناً. اكسب الفرصة.
{..وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ..}: جمل أو بقرة أو غنم.
{..يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ..}: ما يعادل هذا الحيوان يخرج مثله هدياً وحسب مقْدِرَتِه يحكمون عليه "عشرة جمال، مئة جمل". {..هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ..}: لكي يستدرك ما حصل له من غفلة بصيده وحتى يستدرك الوقت الذي فاته. {..هَدْياً..}: أي حيواناً.
{..أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ..}: مماثل لثمن الحيوان. {..أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً..}: كل مسكين بيوم، أو بحسب الحكم يوم، يومان، أو شهر.
{..لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف..}: قبل هذا الحكم.
{..وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ..}: إذ فعل وكفَّر ثم عاد فلابدَّ من التأديب.
{.. وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ}: إن كرر فلا كفارة له.
{.. َيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ..}: يستعد للبلاء.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم الاختلاط في الحج عند الكعبة إذا كان الله حرَّم الاختلاط؟
ولمَ تُحرِم المرأة بكشف الوجه؟ وهل يجوز الإحرام بأمر محرَّم؟
في الحقيقة يا أخي الحبيب: كما لا يجوز النظر للمرأة في غير الحج كذلك لا يجوز النظر إليها في الحج، بل هو أشد حرمةً لما فيه من الأذى والضرر وتحويل القلب عن القصد من الحج وهو الله جل وعلا، وانصراف النفس عن المقصد الأسمى الذي شرع لأجله الحج، وإذا كان النص القرآني قد جاء عاماً في عدم إباحة النظر إلى النساء بقوله تعالى في سورة الأحزاب (59): {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} وهذه الآية شملت كافة النساء المسلمات من القمة إلى القاعدة ولم يقيد ذلك بحال من الأحوال، فمن البديهي أن المرأة لا يجوز لها إبداء وجهها في الحج للرجال.
وما المراد من إحرام المرأة في وجهها إلا إشعار لها بأن تتباعد عن الأنظار خلال حجها كل التباعد، فلا يراها الرجال ولا ترى الرجال البتة ولذا جعل مقياس هذا التباعد أن تصبح في جو تجد فيه من الحرية ما يكفل لها كشف الوجه وهكذا. فالنساء لا يَطُفنَ ولا يسعينَ في الحج مختلطات مع الرجال ولا على مرأى منهم ولكلٍ دوره في الطواف. وإذا ما مرَّ بهن رجل بالطريق للحج فعليهن أن يسدلن نقابهن على وجوههن، وإلى ذلك أشارت الأخبار: فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: «كان الركبان يمرّون بنا ونحن مع رسول الله ﷺ مُحرِمات فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه» أما ما نراه اليوم وما نسمعه من عدم تقيد النساء بأوامر الشريعة فذلك ناشئ عن جهلهن بتلك الأحكام وذهابهن إلى الحج دون معرفة أو تقيُّد بما بينه رسول الله ﷺ.
هل صحيح إذا صلى الحاج ركعتي طواف مع التطويل فيهما؟
أرجوكم أريد الإجابة؟
الأخت الفاضلة حفظها المولى الكريم... آمين
وكيف لا يكون صحيحاً وعظيماً ونفعاً قلبياً شاملاً وعميماً وخيراً "والصلاة جامعه": أي للخيرات لا سيما عند الطواف بوجهة النفس بالطواف مع إمامها الحبيب ﷺ للدخول القلبي على حضرة الله ونوال المكرمات والجنات!..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في الماضي وكما نعلم أنه لا وجود للطائرات ولا للسيارات وكانوا الحجاج يذهبون لبيت الله لأداء مناسك الحج سيراً على الأقدام ويتحمَّلون أهوال التعب والمشقة، أما الآن فكل شيء تغير أصبح الذهاب والإياب في بضع ساعات دون أي تعب أو مشقة. فهل أجرهم مثل أجرنا؟ ولكم جزيل الشكر والسلام عليكم.
بالنسبة للأجر، فالأجر يكون على قدر المشقّة، ليس أجر من يحجّ مشياً على الأقدام كأجر من يحج راكباً الجمل أو الفرس، وليس أجر هؤلاء كأجر من يحج راكباً السيارة وليس أجر من يركب السيارة كأجر من يركب الطائرة، كلّ له أجر وثواب، فأجر من يركب السيارة أو الباص الآن ويحتاج لوقت طويل ليصل إلى بلد الله الحرام أكبر من أجر من يذهب بالطائرة ويكون هناك في بضع ساعات، فالأول يتحمّل مشاق السفر أكثر فأجره وثوابه أكبر، وهكذا. والله لا يضيع مثقال ذرّة.
هل يجوز ذبح بقرة لسبعة أشخاص في العيد؟
الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم... آمين
يجوز ذبحها لسبعة أشخاص وإن كانت عندهم أْسَرْ فأفضل لوجود برادات تحفظ اللحم لا سيما بالتكبير، ففي ذلك الخير الكثير والنفع الجسمي والصحي الكبير والأجر الجزيل، كما يجوز لأقل أو أكثر شرط التكبير عند الذبح.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما هو السبب في طوافنا حول الكعبة عكس عقارب الساعة؟
الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم... آمين
السبب لأن روحانية نفس رسول الله السراج المنير تطوف باتجاه عقارب الساعة لاستقبالنا وإتحافنا بأنواره الموصلة للتقوى، وهذا يشهده المقربون من نالوا التقوى وهي الاستنارة الأبدية بنور الله ورسوله وسعادة وخيرات الداريْن، جعلنا الله الكريم منهم وأوصلنا للتقوى وجعلنا من أهل التقوى وأهل المغفرة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل يُحرم من أراد أن يضحي وكيف يُحرم هل يكون كإحرام الحج بعدم قص الشعر والأظافر والمعاشرة؟ ومتى يبدأ الإحرام وما الغاية منه؟
يا أخي أنت قلت كيف يحرم: إذا لبس الإحرام سيكون أعجوبة للناس وهو في غير مكان الحج، وإن تباعد عن زوجه فيؤخذ هذا بالهجر والظن أنه سيطلقها ويتزوج غيرها، وتوقعه في مشكلة زوجية وهو في غنى عنها، بل وقد يسخر الناس ويضحكون منه. ودين الإسلام ومظاهره كمال وأكمل الكمال، فإن قام بهذا في غير مواضعها فهذا شذوذ وتضعه في موضع الاتهام والسخرية عند الناس وهذا مالا يليق بمؤمن إذ (رحم الله امرأً جب المغيبة عن نفسه) فلو قمنا بهذه المناسك كلُّ أمة في قطرها لبطل الحج الصحيح ومناسكه وهو ركن أساسي من أركان بناء الإسلام. ولا أصل لها في الدين ولم يقم الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام بإجراء مناسك الحج في المدينة المنورة أو الشام أو غير مواضعها.
أما الذين يضحّون وهم في بلادهم إنهم يشاركون الحجيج بالتضحية أما بقية الأمور والمناسك فلا تصح إلا في أمكنتها ومواضعها التي خصصها الله تعالى، وإنما تحدث كلها بأحوال وأذواق وأشواق نفسية دون قص الأظافر أو الشعر أو عدم الغسل أو ثياب الإحرام فهذه لا تصح إلا في أماكنها.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شاهدنا أنّ الحجاج في بيت الله خليط من الرجال والنساء يطوفون معاً ويصلون معاً دون أي حاجب بينهم، ونحن نعلم أن الاختلاط في الإسلام محرَّم، فما قولكم بهذا وما هو حكمه؟ وجزاكم الله كل خير والسلام عليكم.
بالنسبة للحج فهو كغيره من الفرائض، فرض على البشرية جمعاء، كالصيام مثلاً، فقد فرض على الذين من قبلنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].
لكن مع مرور الزمن تهاون الناس في هذه الفريضة شيئاً فشيئاً، حتى تركوا أصولها وتغيّرت، فجاء الإسلام وأعاد الصيام إلى ما كان عليه.
كذلك الحج، فهو بالأصل لا يوجد فيه اختلاط بين الرجال والنساء، لقد كان يوجد وقت مخصّص لطواف الرجال مثلاً ووقت مخصّص لطواف النساء.
إلا أنّه ومع مرور الزمن تهاون الناس في هذا الأمر، وذلك لعدم فهم الحكمة من هذا الفصل بين الرجال والنساء، ولعدم فهم الحكمة من الحجاب. لذلك صار هذا الاختلاط الذي تراه في الحج.
وكل من يذهب إلى الحج فهو ونيّته، فالله يكتب له أجره وينيله ثوابه وما هو أهله، والأجر على قدر الصبر.
السلام عليكم ورحمة الله
سيدي الكريم: إذا كانت الغاية من الحج هي الوصول للتقوى، فما هي الغاية من العمرة؟ وهل مناسك العمرة مثل مناسك الحج وبنفس المعاني التي تفضلتم بشرحها في كتاب: (الحج للعلّامة محمد أمين شيخو)؟
- وهل يجوز لمن لم يحج أن يعتمر (بالنسبة للشخص)؟
- وهل لها وقت معيّن أم يجوز أدائها طيلة العام؟
- هل تُغني العمرة عن فريضة الحج إذا لم يستطع الإنسان لسبب مادي أو لإجراءات قانونية؟
وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
1- ما هي الغاية من العمرة؟
- الغاية من العمرة هي أن تعمّر قلبك بالإيمان، وذلك بأن تقعد في ذي القعدة في المسجد الحرام وتمرّن نفسك على الصلوات والإيمان، وهذا يهيّئك إلى الحج.
2- وتسأل: عن مناسك العمرة.
- ومناسك العمرة هي: الإحرام، الطواف، والسعي بين الصفا والمروة فقط. وليس مناسك العمرة كمناسك الحج وهذا أمرٌ معروف، فلا رجم في العمرة، لا رمي، لا منى، لا مزدلفة، لا صعود على عرفات، ولا هدي.
3- هل يجوز لمن لم يحج أن يعتمر؟
- نعم يجوز لمن لم يحج أن يعتمر، ولماذا لا!
4- هل لها وقت معين أم يجوز أداؤها طيلة العام؟
- نعم يجوز أداؤها طيلة العام لاسيما في رمضان، وإذا أتمّها إلى الحج فهذا أفضل.
5- هل تغني العمرة عن فريضة الحج إذا لم يستطع الإنسان لسبب مادي أو لإجراءات قانونية؟
- إذا الإنسان لم يستطع أداء فريضة الحج لسبب مادي أو غيره، فلا مؤاخذة عليه إن لم يحج أصلاً، وفي الآية: {..وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً..} سورة آل عمران: الآية (97).
فالحج مفروض لمن استطاع إليه سبيلاً، أما الفقير والذي منعه مانع ما عن أداء فريضة الحج وهو يتمنى لو يستطيع وتتوق نفسه إلى تلك المناسك والشرائع ويتلهف شوقاً لأداء فريضة الحج وزيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تظنّن أن الله يحيف على مثل هذا الإنسان المشتاق لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو يضيعه، بل يُبْدلهُ عوضاً عنها وهو في دياره وبلده وينال الثمرة المرجوة من الحج دون أن يذهب بجسمه، فالمؤمن بحبه وشوقه للحج وإلى رسول الله والصحبة النفسية معه تكون نفسه قد ذهبت دون جسدها، بل ويعطيه الله ما لا يعطي الذي ذهب وسافر إلى بلاد الحجاز وقام بالحج، فالمسألة متعلقة بالقلب وليس بالجسد، لأن النتائج سوف تعود بالمناسك على القلب وليس على الجسد، والصلاة قلبية.
يا ساكن الشـام أنت زائـر يا ساكن الحجاز لست بزائر
و أيضاً:
قلوب العارفين لها عيون تـرى مـا لا يـراه الناظرون
لماذا كان محمد ﷺ يعظم ويقبِّل الحجر الأسود؟
الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم ... آمين
يا أخي: القبائل العربية هي التي كانت تعظّم الحجر الأسود، حتى أنهم عندما رمَّموا الكعبة وأرادوا إعادة الحجر الأسود لموضعه من الكعبة اختلف زعماء القبائل العربية فيما بينهم، مَن التي ستنال شرف إعادة الحجر الأسود لموضعه، وخلصوا إلى الرأي أن يحكم بينهم أول داخل إلى الحرم، وذلك قبل البعثة، فكان أول داخل سيدنا محمد ﷺ وكلهم وافقوا عليه وقالوا: "جاء الصادق الأمين"، وأشار ﷺ أن يضعوا الحجر الأسود على عباءته ويأخذ كل زعيم من زعماء القبائل بطرف من العباءة ويحملوها إلى الكعبة، ووضع الحجر الأسود في موضعه، فيكون جميع القبائل قد اشتركوا في وضع الحجر وحمله إلى مكانه.
إذن: لم يكن الرسول يُعَظِّم الحجر الأسود، لأنَّه حجر كغيره من الأحجار، بل كانت القبائل العربية تعظِّمه وذلك لأنها تناقلت عن الأنبياء والمرسلين تقبيل الحجر الأسود ولم يفهموا الحكمة والعبرة من ذلك، وسيدنا محمد ﷺ قبَّلَ الحجر الأسود وما تقبيله للحجر الأسود إلا رمز وإشارة إلى أن الحاج وهو في هذه المرحلة وبتفتيح بصيرته ورؤيته للحقائق لم يعد لديه فرق بين أبيض وأسود ولا بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى.
فالحاج المؤمن التقي لم يعد ينظر إلى الصور إنما ينظر بنور الله للحقائق ولا تغرُّه المظاهر وبهرجها، بل ينظر إلى الحقائق، ويتمثَّل الحاج في تقبيله للحجر الأسود قوله تعالى: {..إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} سورة الحجرات (13).
وقول رسول الله ﷺ: «إنًّ الله لا ينظر إلى صوركم إنما ينظر إلى قلوبكم».
السلام عليكم ورحمة الله
هل يحشر إبليس يوم رمي البحصات عليه؟ أم هي مجرد تقاليد الحج؟
الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم ... آمين
هذه تقاليد وأمور صورية ينطوي في نفس الحاج حقائق وهي تعبِّر عن حالٍ عالٍ وصل إليه الحاج بنفسه واستنار قلبه، عندها بنور ربه ورسوله فهم المراد وفقه الحكمة فهو على نور ولم يعد للشيطان عليه سبيل.
للمزيد من المعلومات راجع كتاب درر الأحكام، بحث الحج.